أرشيف الفتوى | عنوان الفتوى : شم النسيم
/ﻪـ
الكتـب
الفتاوي
المحاضرات
روائع المختارات
من مكتبة التلاوة
أحكام تجويد القرآن
تفسير القرآن
برامج مجانية
الصفحة الرئيسية
البحث:
القائمة الرئيسية
الموسـوعـة القــرآنية
القــــــراّن الـكريــــــم
الشاشة القرآنية الذهبية
مشغل القـــرآن (فلاش)
الإيمـــان فــلاش قــرآن
أحكــام تــــلاوة الــقراّن
أحكـام التـلاوة (صـوت)
التــــلاوات والقــــــراء
مصــاحــف الـــفــــلاش
تفسير الشعراوي (صوت)
تفسير القـرآن الكريــم
تفسير القرطبي
تفسير الرازي
تفسير السيوطي
تفسير الشوكاني
تفسير الشــعراوي
أيسر التفاسير
جامع الحديث الشريف
كتب الحـــديث الشريف
شروح صحيح البخاري
شــروح صحيح مســلم
شـروح سـنن الترمـذي
شـــرح الفتح الـربانــي
شروح الأربعين النووية
شـــــروح بلوغ المـرام
جـامع الفقه الإسلامـي
خـــزانــــــــة الكـــتــب
تـصنيـفــات الكتـب
الكتــــــب ألفــبائيا
قــائــمة الـمؤلـفين
جـــديــــد الكـتـــب
كـــتــــب مــخـــتــــارة
صحيح البخاري
صحــيح مســلم
رياض الصالحين
البداية والنهاية
القاموس المحيط
الرحيق المختوم
فتح الباري
مناسك الحج والعمرة
الـكـتـاب الــمسـمــــوع
في القرآن وعلومه
في الحديث وعلومه
في الفقه وأصوله
في العقائد والأديان
في التاريخ والسير
الفـهــرس الشــــــامـل
شجــرة الفهـــارس
بحـث في الفهـارس
الــــرســـائل العـلــمية
شـجـرة التصنيفات
قـــائمـة البــاحـثين
جــــديـد الـــرسائل
الــرسـائل ألفــبائيا
الـــــدروس والخــطـب
الأقســــــام الـــرئـيسية
قـائمة الـدعاة والخطباء
الأكثـــر استمـــاعـــــــا
جديد الـدروس والخطب
أرشـــيف الـفتــــــــوى
أقســـــــام الـفتــــــوى
العلماء ولجان الفتوى
جــــديــــــد الـفتــــوى
الفتاوى الأكثر اطلاعـا
روائــــــــع مختـــــارة
واحــــة الأســرة
بنك الاستشارات
روضـة الـدعــاة
قطـوف إيـمـانية
مجلـة نـــداء الإيمــان
هدايا الموقع
هدايا الموقع
مشغل القــرآن (فلاش)
مــكـتـبـة الصـــوتيــات
بــــــاحـــث الــفتـــاوى
راديـــــــو الإيــمـــــان
الشــاشـــة الـذهـبـيـــة
مــحــــول الـتــاريــــخ
مــــواقـيـت الـصـــــلاة
مــصـاحـــف الـفـــلاش
مــكـتـبـة الـشــــعراوي
حـــــاسـبـة الــــزكـــاة
روابط سريعة
روابط سريعة
التــــلاوات والقــــــراء
علمــاء ولجـان الفتـوى
قـائمة الدعاة والخطبـاء
خدمات متنوعة
خدمات متنوعة
بــــرامــج مجــــانية
مــــواقـيت الصـــلاة
محـــول التــــاريـــخ
قــالوا عــن المــوقع
شاركنا الثواب
الموقع برعاية
المجموعة الوطنية للتقنية
للمشاركة في رعاية الموقع
أرشيف الفتوى
أقسام الفتوى
العلماء ولجان الفتوى
جديد الفتاوى
الأكثر اطلاعا
بحث
الصفحة الرئيسية
>
جديد الفتاوى
>
شم النسيم
معلومات عن الفتوى: شم النسيم
رقم الفتوى :
9477
عنوان الفتوى :
شم النسيم
القسم التابعة له
:
معارف عامة
اسم المفتي
:
دار الإفتاء المصرية
نص السؤال
سئل : يحتفل المصريون بيوم شم النسيم ، فما هو أصل هذا الاحتفال ، وما رأى الدين فيه ؟
نص الجواب
أجاب : النسيم هو الريح الطيبة ، وشمه يعنى استنشاقه ، وهل استنشاق الريح الطيبة له موسم معين حتى يتخذه الناس عيدا يخرجون فيه إلى الحدائق والمزارع ، ويتمتعون بالهواء الطلق والمناظر الطبيعية البديعة ، ويتناولون فيه أطايب الأطعمة أو أنواعا خاصة منها لها صلة بتقليد قديم أو اعتقاد معين ؟ ذلك ما نحاول أن نجيب عليه فيما يأتى :
كان للفراعنة أعياد كثيرة ، منها أعياد الزراعة التى تتصل بمواسمها ، والتى ارتبط بها تقويمهم إلى حد كبير، فإن لسنتهم الشمسية التى حددوها باثنى عشر شهرا ثلاثة فصول ، كل منها أربعة أشهر، وهى فصل الفيضان ثم فصل البذر، ثم فصل الحصاد . ومن هذه الأعياد عيد النيروز الذى كان أول سنتهم الفلكية بشهورها المذكورة وأسمائها القبطية المعروفة الآن .
وكذلك العيد الذى سمى فى العصر القبطى بشم النسيم ، وكانوا يحتفلون به فى الاعتدال الربيعى عقب عواصف الشتاء وقبل هبوب الخماسين ، وكانوا يعتقدون أن الخليقة خلقت فيه ، وبدأ احتفالهم به عام 2700 ق . م وذلك فى يوم 27 برمودة، الذى مات فيه الإِله "ست" إله الشر وانتصر عليه إله الخير. وقيل منذ خمسة آلاف سنة قبل الميلاد .
وكان من عادتهم فى شم النسيم الاستيقاظ مبكرين ، والذهاب إلى النيل للشرب منه وحمل مائه لغسل أراضى بيوتهم التى يزينون جدرانها بالزهور. وكانوا يذهبون إلى الحدائق للنزهة ويأكلون خضرًا كالملوخية والملانة والخس ، ويتناولون الأسماك المملحة التى كانت تصاد من بحر يوسف وتملح فى مدينة "كانوس" وهى أبو قير الحالية كما يقول المؤرخ "سترابون" وكانوا يشمون البصل ، ويعلقونه على منازلهم وحول أعناقهم للتبرك .
وإذا كان لهم مبرر للتمتع بالهواء والطبيعة وتقديس النيل الذى هو عماد حضارتهم فإن تناولهم لأطعمة خاصة بالذات واهتمامهم بالبصل لا مبرر له إلا خرافة آمنوا بها وحرصوا على تخليد ذكراها . لقد قال الباحثون :
إن أحد أبناء الفراعنة مرض وحارت الكهنة فى علاجه ، وذات يوم دخل على فرعون كاهن نوبى معه بصلة أمر بوضعها قرب أنف المريض ، بعد تقديم القرابين لإِله الموت "سكر" فشفى . وكان ذلك فى بداية الربيع ، ففرح الأهالى بذلك وطافوا بالبلد والبصل حول أعناقهم كالعقود حول معابد الإله "سكر" وبمرور الزمن جدت أسطورة أخرى تقول : إن امرأة تخرج من النيل في ليلة شم النسيم يدعونها "ندَّاهة" تأخذ الأطفال من البيوت وتغرقهم ، وقالوا : إنها لا تستطيع أن تدخل بيتا يعلق عليه البصل "محمد صالح -الأهرام: 30/ 4/1962م .
ثم حدث فى التاريخ المصرى حادثان ، أولهما يتصل باليهود والثانى بالأقباط ، أما اليهود فكانوا قبل خروجهم من مصر يحتفلون بعيد الربيع كالمصريين ، فلما خرجوا منها أهملوا الاحتفال به ، كما أهملوا كثيرا من عادات المصريين ، شأن الكاره الذى يريد أن يتملص من الماضى البغيض وآثاره . لكن العادات القديمة لا يمكن التخلص منها نهائيا وبسهولة ، فأحب اليهود أن يحتفلوا بالربيع لكن بعيدا عن مصر وتقويمها، فاحتفلوا به كما يحتفل البابليون ، واتبعوا فى ذلك تقويمهم وشهورهم .
فالاحتفال بالربيع كان معروفا عند الأمم القديمة من الفراعنة والبابليين والأشوريين ، وكذلك عرفه الرومان والجرمان ، وإن كانت له أسماء مختلفة، فهو عند الفراعنة عيد شم النسيم ، وعند البابليين والأشوريين عيد ذبح الخروف ، وعند اليهود عيد الفصح ، وعند الرومان عيد القمر، وعند الجرمان عيد "إستر" إلهة الربيع .
وأخذ احتفال اليهود به معنى دينيا هو شكر الله على نجاتهم من فرعون وقومه .
وأطلقوا عليه اسم "عيد بساح" الذى نقل إلى العربية باسم "عيد الفصح" وهو الخروج ، ولعل مما يشير إلى هذا حديث رواه البخارى ومسلم عن ابن عباس رضى الله عنهما أنه قال : قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فرأى أن اليهود تصوم عاشوراء ، فقال لهم "ما هذا اليوم الذى تصومونه"؟ قالوا: هذا يوم عظيم ، نجى الله فيه موسى وقومه وأغرق فرعون وقومه ، فصامه موسى شكرا فنحن نصومه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "فنحن أحق وأولى بموسى منكم" فصامه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر بصيامه . وفى رواية فنحن نصومه تعظيما له .
غير أن اليهود جعلوا موعدا غير الذى كان عند الفراعنة ، فحددوا له يوم البدر الذى يحل فى الاعتدال الربيعى أو يعقبه مباشرة .
ولما ظهرت المسيحية فى الشام احتفل المسيح وقومه بعيد الفصح كما كان يحتفل اليهود . ثم تآمر اليهود على صلب المسيح وكان ذلك يوم الجمعة 7 من أبريل سنة 30 ميلادية ، الذى يعقب عيد الفصح مباشرة، فاعتقد المسيحيون أنه صلب فى هذا اليوم ، وأنه قام من بين الأموات بعد الصلب فى يوم الأحد التالى ، فرأى بعض طوائفها أن يحتفلوا بذكرى الصلب فى يوم الفصح ، ورأت طوائف أخرى أن يحتفلوا باليوم الذى قام فيه المسيح من بين الأموات ، وهو عيد القيامة يوم الأحد الذى يعقب عيد الفصح مباشرة ، وسارت كل طائفة على رأيها ، وظل الحال على ذلك حتى رأى قسطنطين الأكبر إنهاء الخلاف فى "نيقية" سنة 325 ميلادية وقرر توحيد العيد، على أن يكون فى أول أحد بعد أول بدر يقع فى الاعتدال الربيعى أو يعقبه مباشرة ، وحسب الاعتدال الربيعى وقتذاك فكان بناء على حسابهم فى يوم 21 من مارس "25 من برمهات" فأصبح عيد القيامة فى أول أحد بعد أول بدر وبعد هذا التاريخ أطلق عليه اسم عيد الفصح المسيحى تمييزا له عن عيد الفصح اليهودى .
هذا ما كان عند اليهود وتأثر المسيحيين به فى عيد الفصح . أما الأقباط وهم المصريون الذين اعتنقوا المسيحية فكانوا قبل مسيحيتهم يحتفلون بعيد شم النسيم كالعادة القديمة ، أما بعد اعتناقهم للدين الجديد فقد وجدوا أن للاحتفال بعيد شم النسيم مظاهر وثنية لا يقرها الدين ، وهم لا يستطيعون التخلص من التقاليد القديمة ، فحاولوا تعديلها أو صبغها بصبغة تتفق مع الدين الجديد، فاعتبروا هذا اليوم يوما مباركا بدأت فيه الخليقة، وبشَّر فيه جبريل مريم العذراء بحملها للمسيح ، وهو اليوم الذى تقوم فيه القيامة ويحشر الخلق ، ويذكرنا هذا بحديث رواه مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم " خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة، فيه خُلق آدم ، وفيه دخل الجنة، وفيه أخرج منها، ولا تقوم الساعة إلا فى يوم الجمعة "صحيح مسلم بشرح النووى" ج 6 ص 142" .
فاحتفل أقباط مصر بشم النسيم قوميا باعتباره عيد الربيع ، ودينيا باعتباره عيد البشارة ، ومزجوا فيه بين التقاليد الفرعونية والتقاليد الدينية . وكان الأقباط يصومون أربعين يوما لذكرى الأربعين التى صامها المسيح عليه السلام ، وكان هذا الصوم يبدأ عقب عيد الغطاس مباشرة ، فنقله البطريرك الإِسكندرى ديمتريوس الكرام ، وهو البطريرك الثامن عشر " 188 - 234 م " إلى ما قبل عيد القيامة مباشرة ، وأدمج فى هذا الصوم صوم أسبوع الآلام ، فبلغت عدته خمسة وخمسين يوما ، وهو الصوم الكبير، وعمَّ ذلك فى أيام مجمع نيقيه " 325 م " وبهذا أصبح عيد الربيع يقع فى أيام الصوم إن لم يكن فى أسبوع الآلام ، فحرم على المسيحيين أن يحتفلوا بهذا العيد كعادتهم القديمة فى تناول ما لذ وطاب من الطعام والشراب ، ولما عز عليهم ترك ما درجوا عليه زمنا طويلا تخلصوا من هذا المأزق فجعلوا هذا العيد عيدين ، أحدهما عيد البشارة يحتفل به دينيا فى موضعه ، والثانى عيد الربيع ونقلوه إلى ما بعد عيد القيامة، لتكون لهم الحرية فى تناول ما يشاءون ، فجعلوه يوم الاثنين التالى لعيد القيامة مباشرة ، ويسمى كنسيًّا "اثنين الفصح" كما نقل الجرمانيون عيد الربيع ليحل فى أول شهر مايو .
من هذا نرى أن شم النسيم بعد أن كان عيدا فرعونيا قوميا يتصل بالزراعة جاءته مسحة دينية، وصار مرتبطا بالصوم الكبير وبعيد الفصح أو القيامة ، حيث حدد له وقت معين قائم على اعتبار التقويم الشمسى والتقويم القمرى معا ، ذلك أن الاعتدال الربيعى مرتبط بالتقويم الشمسى ، والبدر مرتبط بالتقويم القمرى ، وبينهما اختلاف كما هو معروف ، وكان هذا سببا فى اختلاف موعده من عام لآخر، وفى زيادة الاختلاف حين تغير حساب السنة الشمسية من التقويم اليوليانى إلى التقويم الجريجورى . وبيان ذلك : أن التقويم القمرى كان شائعا فى الدولة الرومانية ، فأبطله يوليوس قيصر، وأنشأ تقويما شمسيا ، قدر فيه السنة ب 25, 365 يوما ، واستخدم طريقة السنة الكبيسة مرة كل أربع سنوات ، وأمر يوليوس قيصر باستخدام هذا التقويم رسميا فى عام 708 من تأسيس روما ، وكان سنة 46 قبل الميلاد ، وسمى بالتقويم اليوليانى، واستمر العمل به حتى سنة 1582 م حيث لاحظ الفلكيون فى عهد بابا روما جريجوريوس الثالث عشر خطأ فى الحساب الشمسى ، وأن الفرق بين السنة المعمول بها والحساب الحقيقى هو 11 دقيقة ، 14 ثانية ، وهو يعادل يوما فى كل 128 عاما ، وصحح البابا الخطأ المتراكم فأصبح يوم 5 من أكتوبر سنة 1582 هو يوم 15 أكتوبر سنة 1582 م وهو التقويم المعروف بالجريجورى السائد الآن . وعندما وضع الأقباط تاريخهم وضعوه من يوم 29 من أغسطس سنة 284 م الذى استشهد فيه كثيرون أيام " دقلديانوس" جعلوه قائما على الحساب اليوليانى الشمسى ، لكن ربطوه دينيا بالتقويم القمرى ، وقد بنى على قاعدة وضعها الفلكى "متيون" فى القرن الخامس قبل الميلاد، وهو أن كل 19 سنة شمسية تعادل 235 شهرا قمريا ، واستخدم الأقباط هذه القاعدة منذ القرن الثالث الميلادى . وقد وضع قواعد تقويمهم المعمول به إلى الآن البطريرك ديمتريوس الكرام ، وساعده فى ذلك الفلكى المصرى بطليموس .
وبهذا يحدد عيد القيامة "الذى يعقبه شم النسيم" بأنه الأحد التالى للقمر الكامل "البدر" الذى يلى الاعتدال الربيعى مباشرة . وقد أخذ الغربيون الحساب القائم على استخدام متوسط الشهر القمرى لحساب ظهور القمر الجديد وأوجهه لمئات السنين "وهو المسمى بحساب الألقطى" وطبقوه على التقويم الرومانى اليوليانى ، فاتفقت الأعياد المسيحية عند جميع المسيحيين كما كان يحددها التقويم القبطى، واستمر ذلك حتى سنة 1582 م حين ضبط الغربيون تقويمهم بالتعديل الجريجورى . ومن هنا اختلف موعد الاحتفال بعيد القيامة وشم النسيم .
أستمحيك عفوا أيها القارئ الكريم إذْ أتعبتك بذكر تطورات التقويم وتغير مواعيد الأعياد ، إذ قد لخصتها من عدة مواضع من كتاب "تاريخ الحضارة المصرية ، ومن بحث للدكتور عبد الحميد لطفى فى مجلة الثقافة "عدد 121" لسنتها الثالثة فى 22 / 4 / 1941 م ومن منشورات بالصحف : الجمهورية 15/4/1985 ، الأهرام 20/4/1987 ، 11/4 /1988 فإنى قصدت بذلك أن تعرف أن عيد الربيع الحقيقى ثابت فى موعده كل عام ، لارتباطه بالتقويم الشمسى . أما عيد شم النسيم فإنه موعد يتغير كل عام لاعتماده مع التقويم الشمسى على الدورة القمرية ، وهو مرتبط بالأعياد الدينية غير الإسلامية ، ولهذه الصفة الدينية زادت فيه طقوس ومظاهر على ما كان معهودا أيام الفراعنة وغيرهم ، فحرص الناس فيه على أكل البيض والأسماك المملحة ، وذلك ناشىء من تحريمها عليهم فى الصوم الذى يمسكون فيه عن كل ما فيه روح أو ناشىء منه ، وحرصوا على تلوين البيض بالأحمر، ولعل ذلك لأنه رمز إلى دم المسيح على ما يعتقدون وقد تفنن الناس فى البيض وتلوينه حتى كان لبعضه شهرة فى التاريخ .
فقد قالوا : إن أشهر أنواع البيض بيضة هنرى الثانى التى بعث بها إلى "ديانادى بواتييه" فكانت علبة صدف على شكل بيضة بها عقد من اللؤلؤ الثمين ، كما بعث لويس الرابع عشر للآنسة "دى لا فاليير" علبة بشكل بيضة ضمنها قطعة خشب من الصليب الذى صلب عليه المسيح ، ولويس الخامس عشر أهدى خطيبته "مدام دى بارى" بيضة حقيقية من بيض الدجاج مكسوة بطبقة رقيقة من الذهب ، وهى التى قال فيها الماركيز "بوفلر" لو أنها أكلت لوجب حفظ قشرتها "مهندس/ محمد حسن سعد - الأهرام 25 من أبريل 1938 .
وقيصر روسيا "الإِسكندر الثالث" كلف الصائغ "كارل فابرج" بصناعة بيضة لزوجته 1884 م ، استمر فى صنعها ستة أشهر كانت محلاة بالعقيق والياقوت ، وبياضها من الفضة وصفارها من الذهب ، وفى كل عام يهديها مثلها حتى أبطلتها الثورة الشيوعية 1917 م .
وبعد ، فهذا هو عيد شم النسيم ، الذى كان قوميا ثم صار دينيا ، فما حكم احتفال المسلمين به؟ لا شك أن التمتع بمباهج الحياة من أكل وشرب وتنزه أمر مباح ما دام فى الإِطار المشروع ، الذى لا ترتكب فيه معصية ولا تنتهك حرمة ولا ينبعث من عقيدة فاسدة . قال تعالى {يا أيها الذين آمنوا لا تحرِّموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين} المائدة : 87 وقال { قل من حرَّم زينة الله التى أخرج لعباده والطيبات من الرزق} الأعراف : 32 . لكن هل للتزين والتمتع بالطيبات يوم معين أو موسم خاص لا يجوز فى غيره ، وهل لا يتحقق ذلك إلا بنوع معين من المأكولات والمشروبات ، أو بظواهر خاصة؟ هذا ما نحب أن نلفت الأنظار إليه . إن الإِسلام يريد من المسلم أن يكون فى تصرفه على وعى صحيح وبُعد نظر، لا يندفع مع التيار فيسير حيث يسير ويميل حيث يميل ، بل لا بد أن تكون له شخصية مستقلة فاهمة ، حريصة على الخير بعيدة عن الشر والانزلاق إليه ، وعن التقليد الأعمى ، لا ينبغى أن يكون كما قال الحديث " إمَّعة " يقول : إن أحسن الناس أحسنت ، وإن أساءوا أسأت ، ولكن يجب أن يوطِّن نفسه على أن يحسن إن أحسنوا، وألا يسىء إن أساءوا ، وذلك حفاظًا على كرامته واستقلال شخصيته ، غير مبال بما يوجه إليه من نقد أو استهزاء ، والنبى صلى الله عليه وسلم نهانا عن التقليد الذى من هذا النوع فقال "لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع ، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه" رواه البخارى ومسلم .
فلماذا نحرص على شم النسيم فى هذا اليوم بعينه والنسيم موجود فى كل يوم ؟ إنه لا يعدو أن يكون يوما عاديًّا من أيام الله حكمه كحكم سائرها ، بل إن فيه شائبة تحمل على اليقظة والتبصر والحذر، وهى ارتباطه بعقائد لا يقرها الدين ، حيث كان الزعم أن المسيح قام من قبره وشم نسيم الحياة بعد الموت .
ولماذا نحرص على طعام بعينه فى هذا اليوم ، وقد رأينا ارتباطه بخرافات أو عقائد غير صحيحة، مع أن الحلال كثير وهو موجود فى كل وقت ، وقد يكون فى هذا اليوم أردأ منه فى غيره أو أغلى ثمنا .
إن هذا الحرص يبرر لنا أن ننصح بعدم المشاركة فى الاحتفال به مع مراعاة أن المجاملة على حساب الدين والخلق والكرامة ممنوعة لا يقرها دين ولا عقل سليم ، والنبى صلى الله عليه وسلم يقول " من التمس رضا الله بسخط الناس كفاه اللّه مؤونة الناس ، ومن التمس رضا الناس بسخط الله وكَّله اللّه إلى الناس " رواه الترمذى ورواه بمعناه ابن حبان فى صحيحه .
مصدر الفتوى
:
موقع الأزهر
أرسل الفتوى لصديق
أدخل بريدك الإلكتروني
:
أدخل بريد صديقك
: